سورة الكهف - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


قوله عز وجل: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا} خبرا واختلفوا في نبوته: فقال بعضهم: كان نبيا.
وقال أبو الطفيل: سئل علي رضي الله عنه عن ذي القرنين أكان نبيا أم ملكا؟ قال: لم يكن نبيا ولا ملكا ولكن كان عبدا أحب الله وأحبه الله، ناصح الله فناصحه الله.
وروي أن عمر رضي الله عنه سمع رجلا يقول لآخر: يا ذا القرنين فقال: تسميتم بأسماء النبيين فلم ترضوا حتى تسميتم بأسماء الملائكة.
والأكثرون على أنه كان ملكا عادلا صالحا.
واختلفوا في سبب تسميته بـ {ذي القرنين} قال الزهري: لأنه بلغ قرني الشمس مشرقها ومغربها.
وقيل: لأنه ملك الروم وفارس.
وقيل: لأنه دخل النور والظلمة.
وقيل: لأنه رأى في المنام كأنه أخذ بقرني الشمس.
وقيل: لأنه كانت له ذؤابتان حسنتان.
وقيل: لأنه كان له قرنان تواريهما العمامة.
وروى أبو الطفيل عن علي أنه قال سمي ذا القرنين لأنه أمر قومه بتقوى الله، فضربوه على قرنه الأيمن فمات فبعثه الله، ثم أمرهم بتقوى الله فضربوه على قرنه الأيسر فمات، فأحياه الله.
واختلفوا في اسمه قيل: اسمه مرزبان بن مرزبة اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح. وقيل: اسمه الإسكندر بن فيلفوس بن ياملوس الرومي.


قوله عز وجل: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأرْضِ} أوطأنا، والتمكين: تمهيد الأسباب. قال علي: سخر له السحاب فحمله عليها، ومد له في الأسباب، وبسط له النور، فكان الليل والنهار عليه سواء، فهذا معنى تمكينه في الأرض وهو أنه سهل عليه السير فيها وذلل له طرقها.
{وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} أي: أعطيناه من كل شيء يحتاج إليه الخلق.
وقيل: من كل ما يستعين به الملوك على فتح المدن ومحاربة الأعداء.
{سَبَبًا} أي: علما يتسبب به إلى كل ما يريد ويسير به في أقطار الأرض، والسبب: ما يوصل الشيء إلى الشيء.
وقال الحسن: بلاغا إلى حيث أراد. وقيل: قربنا إليه أقطار الأرض.


{فَأَتْبَعَ سَبَبًا} أي: سلك وسار، قرأ أهل الحجاز والبصرة: {فاتبع} و{ثم اتبع} موصولا مشددا، وقرأ الآخرون بقطع الألف وجزم التاء، وقيل: معناهما واحد.
والصحيح: الفرق بينهما، فمن قطع الألف فمعناه: أدرك ولحق، ومن قرأ بالتشديد فمعناه: سار، يقال: ما زلت أتبعه حتى أَتْبَعْتُه، أي: ما زلت أسير خلفه حتى لحقته.
وقوله: {سببا} أي: طريقا. وقال ابن عباس: منزلا. {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} قرأ أبو جعفر وأبو عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر: {حامية} بالألف غير مهموزة، أي: حارة، وقرأ الآخرون: {حَمِئَةٍ} مهموزا بغير الألف، أي: ذات حماة، وهي الطينة السوداء.
وسأل معاوية كعبا: كيف تجد في التوراة أن تغرب الشمس؟ قال: نجد في التوراة أنها تغرب في ماء وطين.
قال القتيبي: يجوز أن يكون معنى قوله: {فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ} أي: عندها عين حمئة، أو في رأي العين.
{وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا} أي: عند العين أمة، قال ابن جريج: مدينة لها اثنا عشر ألف باب، لولا ضجيج أهلها لسمعت وجبة الشمس حين تجب.
{قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ} يستدل بهذا من زعم أنه كان نبيا فإن الله تعالى خاطبه والأصح: أنه لم يكن نبيا، والمراد منه: الإلهام.
{إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ} يعني: إما أن تقتلهم إن لم يدخلوا في الإسلام {وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} يعني: تعفو وتصفح وقيل: تأسرهم فتعلمهم الهدى. خيره الله بين الأمرين.

9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16